الأحد، 18 فبراير 2018

لكنى شقيت بحسن ظنى !




يُقال أن الشق الأهم والأكبر في العلاج أن تقتنع بكونك مريض وتحتاج إلى المساعدة من الأساس، وكلما ازداد يقينك بذلك ازدادت قدرتك على التخطي، هذه هي الجملة الأولي التي رنت في أذنيّ بعد استيقاظي من غيبوبة طويلة بفعل أدوية الأنفلونزا التي أنقذتني من ارتفاع بدرجة الحرارة وصداع قاتل أنت به جيوبي الأنفية المتهتكة عافاها الله وعافاني إن أمكن.

تعودت علي مصاحبة هذا الصوت اللئيم الذي اكتسب بحته الخاصة من سنين عمري وتجاربي اليومية، المدعاة للسخرية الآن! أتذكر ألمي الكبير وخوفي المضجع من تداعيات كل خطأ ارتكبه نحو نفسي أو نحو آخرين. يتمتم بأريحية وتبجح داخل أذنيّ بعد كل كلمة أو همسة أو لمسة أتلقاها من الفراغ المحيط وكأنه قرر الرد عني دون إذن مني، لكنه لا يميل الي تخريب حياة أحد، هو فقط ولد بداخلي ليقضي عليَّ أنا فقط!

يبدأ في الرد علي كلماتهم داخل أذني بصوته الآثم اللئيم ليوضح لي النسب المئوية لكون هذا الشخص لا يريد خيرا بي، بل ربما هو الشيطان ذاته، يدلل علي نظريته بأحداث مشابهة أعلم بها مسبقا ويعلم يقينا كوني عليمة بها، تبا له كم هو مقنع !
أستمع له بينما احاول جاهدة الثبات والتوقف عن الشفقة علي حالي لأعود لأتقوقع ذاتيا مرة أخرى، وأعلن من جديد كوني غير قادرة علي مجاراة مستجدات هذا العالم المرهق .

أفعل هذا كل مرة بأمل واحد متجدد كوني إن ابتعدت قليلا.. لوقتٍ كافٍ فقط! وتحققت أحلامي المثالية بأن أكتمل بنفسي وأقتنع بما لديَّ وما استطيع إعطائه لذاتي دون الحاجة لمن يكملني -لأني لا أثق بكونه سيكملني من الأساس- فالاحتمال الأكبر، تبعا للبارانويا ذاتية الصنع خاصتي، أن هذا الآخر إن علم بكوني ناقصة، حالي حال كل البشر، ربما يتذكر مدى جوعه ولا يشفق علي انتقاصي الآدمي هذا، بل وربما يطمع بقضم قطعة أخرى مني فربما يكتمل هو، أما أنا فلمَ يشعر بالذنب تجاهي؟ فقد كنت ناقصة وقد تركني ناقصة كذلك!
نقص اكبر ولكن ما الضير في ذلك علي اي حال -من وجهة نظرة الجميلة الخالية من الانسانية بالتاكيد- وكمحاولة مني للتخلي عن افكاري المثالية عن الكمال صار اكتمالي هو تصالح مع كوني ناقصة في الاساس !


بالبداية تبدو الفكرة حالها حال كل شيء جيده جدا والاسؤ انها قابلة للتنفيذ ومتاحة وعلي مدي البصر ,حتي ابدأ اولي خطواتي فاكتشف كونها مستحيلة ومرهقة ومستفزة جدا جدا حالها حال كل امورنا اليومية وعلاقاتنا الانسانية المرهقة,المملة,المحبطة, التي توهمنا بمثاليتها وكمالها وهذا اقبح ما بها.

ليست هناك تعليقات: